غاية ما نقولة , أنهم ليسوا بألهة ولا
يشاركون الله تعالى في فعلة , ولا يفعلون شيئا بدون إذن الله جل وعلا , بل
إنهم عباد مقربون ومظاهر للصفات الربوبية , والسفراء بين الله والبشر , لا
يستقلون بأمر مطلقا( بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون ).
هذه هي العقيدة الصحيحة والنمط الأوسط التي تختلف عن عقيدة الغالين , ومذهب القالين.
وبصورة موجزة فإن للمعصومين عليهم السلام ثلاث مراتب :
1 - المقام الحقي :
حيث الملائكة وما سوى الله مأمورون بالخضوع للمعصومين عليهم السلام في هذه
المرتبة. علمهم وإرادتهم يستمدان من علم الله وإرادته , وقدرتهم مكتسبة من
قدرة الباري جل وعلا.
لا شيء في الوجود خارج عن دائرة سلطتهم وولايتهم الكبرى. وفي هذه المرحلة
حتى الأنبياء والمرسلون والملائكة المقربون يجهلون عظمة مراتبهم المعنوية.
ولقد ورد عنهم عليهم السلام: ( لنا مع الله حالات لا يحتملها ملك مقرب ولا
نبي مرسل ولا مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان ).
2- المقام الملكي :
في هذه الرتبة يخلقةت كالملائكة نحو السموات في خفه ولطافة , وتطوى لهم
الأرض , وينفذون في الأجسام الصلبة , ويعبرون من الجدران السميكة ,
ويدخلون من الأبواب المغلقة.
3 - المقام البشري :
إنهم في هذه الرتبة يأكلون كما يأكل الناس , ويشربون وينكحون ويستريحون كغيرهم من أفراد البشر.
تتأثر أجسامهم بالسم والسهام , وينطبق عليهم قوله تعالى : ( قل إنما أنا بشر مثلكم ).
ولقد عبر صاحب الولاية الكبرى في رسالة إلى معاوية عن هذه الحقيقة , حيث قال :
( لولا ما نهى الله من تزكية المرء لنفسه , لذكر ذاكر فضائل جمة تعرفها
قلوب المؤمنين , ولا تمجها أذان السامعين. فإنا صنايع ربنا , والخلق بعد
صنائع لنا. لم يمنعنا قديم عزنا ولا عادي طولنا أن خلطناكم بأنفسنا ,
فنكحنا وأنكحنا فعل الأكفاء ولستم هناك ).
دقق في هذه العبارة الموجزة , الصادرة من أمير المؤمنين عليه السلام , وهو لا يبالغ ولا يدعي جزافا , لترى صحة ما نعتقده.
علما بأنهم عليهم السلام في المقام البشري واجدون للمقام الحقي والمقام الملكي أيضا.
( وله عليه السلام ( أي أمير المؤمنين عليه السلام) أيضا عند الله جل وعلا
مقام لا تهتدي إلى معرفته العقول والأوهام , ولا يحيطه سوى خالقها الملك
العلام.
وقال صلى الله عليه وأله وسلم : ( لا يعرفك الا الله وأنا ).
فتلك المعاجز والكرامات والعلوم المنسوبة إليه وإلى أبنائه المعصومين
صلوات الله عليهم اجمعين المدونة في كتب العلماء وقصائد الشعراء جلها من
أثار الإمامة برهانا على إمامتهم وإثباتا لولايتهم. وليسة حاكية عن
مراتبهم العالية ولا مفسرة عن مقاماتهم السامية , لا يرقى إليها طير
الخيال ولا يتوصل إلى فهم أدنى درجاتها إلا بالمثال.
فلا يسعنا الا التسليم لما قالوا والخضوع لقدسية حقائقهم كما بينوا )
( .. إن ولا يتهم المطقلة وسلطنتهم العامة على ما سوى الله جل وعلا
وهيمنتهم الجبروتية على كافة الموجودات من الدرة إلى الذرة ثابته عند
علماء الإمامية وحكمائهم من صدر الإسلام إلى زماننا هذا , أمثال سلمان
وأبي ذر وعمار ومقداد وميثم ورشيد وجابر الجعفي وهشام ومفضل , الكليني
والمفيد وعلم الهدى والحلي والمجلسي إلى أعلامنا المعاصرين.
نعم قد أنكرها المقصرون والمستضعفون والذين يقيسون أولياء الله وأمناءه والمعصومين بأنفسهم.
فاعلم يا ولدي إن إنكار ولايتهم المطلقة إنكار لضروري الشيعة الإمامية.
ونسبة تلك الأحاديث الواردة إلى جعل الغلاة تحكم ( تهكم ) , كيف وغالبها
وردت عن الثقات وصححها الأعلام ودونها العلماء والحكماء في كتبهم
ومؤلفاتهم معتقدين بصحتها واعتبارها , وقد بنوا أرائهم عليها وهي الأساس
لعقائد الإمامية في هذا الباب.
وكذلك سيدتنا فاطمة الزهراء صلوات الله عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها ,
إنها من نورهم وحقيقتهم , ولها ما لهم وعندها ما عندهم من الولاية
والإحاطة , ولا فرق بينها وبينهم إلا إنها أمرأه , ولا ينبغي للمرأه
الحكومة الظاهرية فقط.
ما أدري ومن يدري في أي عصر كان للغلاة القدرة والجسارة في جعل مئات بل
ألوف من الأخبار والأحاديث في فضائل أهل بيت العصمة والطهارة من غير مصدر
ومدرك مع وجود الأئمة الهداة في صدر الإسلام , وكثرة وكلائهم ونوابهم في
كل عصر , الحافظون لشريعتهم والذابون عنها , كما قالوا عليهم السلام.
إن لنا عليك أيها الموالي بطالعة كتب الأخبار ومؤلفات علمائنا الأبرار
وتحقيقات حكمائنا الأخيار , وما أكثرها وليس هذا المختصر محل ذكرها , ولكن
أذكر كلمة عن ثقة معاصر , أقتدى بعمله علماؤنا الأعلام , وتبع نهضته
فقهاؤنا العظام , ألا وهو العالم العامل والمرجع الديني الكامل قائد
الإنقلاب وزعيم النهضة أية الله سماحة ورح الله الخميني في كتابه ( ولاية
فقيه يا حكومة اسلامي ) وهذه ترجمتها بالعربية - وبعدما يثبت لهم الخلافة
والحكومة الظاهرية حفظه الله وابقاه يقول :
( لا يلزم من إثبات الولاية والحكومة الظاهرية للإمام عليه السلام نفي
مقامة المعنوي. للإمام مقامات معنوية وهي جدا من وظائف الحكومة. وهو مقام
الخلافة الكلية الإلهية التي أحيانا روي عن لسانهم , خلافة تكوينية التي
موجبها خضوع جميع الذرات أمام ولي الأمر. وهذا من ضروريات مذهبناأنه لم
يصل إلى مقامات الأئمة عليهم السلام المعنوية. حتى ملك مقرب ونبي مرسل ,
إن الرسول الأكرم صلى الله عليه واله وسلم وألأئمة عليهم السلام طبق
الروايات التي عندنا كانوا انواراً في ظل العرش , وفي انعقاد النطفة
والطينة يمتازون عن سائر الناس , ولهم مقامات إلى ماشاء الله , كما أن
جبرائيل عليه السلام في روايات المعراج يقول ( لو دنوت أنملة لاحترقت ).
مع قولهم عليهم السلام : ( إن لنا مع الله حالات لا يسعها ملك مقرب ولا
نبي مرسل ).
وهذه العقيدة جزء من أصول مذهبنا. ان لهم مقامات قبل أن يكون موضوع
الحكومة والخلافة. كما أن بحسب الروايات هذه المقامات ثابتة للسيدة فاطمة
الزهراء عليها السلام مع أنها ليسة حاكمة ولا قاضية ولا خليفة , فهذه
المقامات غير وظائف الحكومة. فإذا قلنا: أن الزهراء ليست بقاضية ولا خليفة
لا يلزم مع هذا القول أنها مثلي ومثلك أو أنها ليست أعلى وأرفع منا ,
وكذلك إذا قال أحد واعترف بأن : ( النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم ) فقد
قال .. هو أرفع وأسمى من ولايته وحكومته على المؤمنين ) الخ.
أقول: إن هذه الكلمة كافية وافية في دحض أقوال الجاهلين وأرغام أنوف
المقصرين , والاعتراف بصحة الأحاديث التي دونت في كتب الصالحين في مقام
نورانية المعصومين وولايتهم التكوينية وسلطنتهم الكلية العامة صلوات الله
عليهم أجمعين. والسلام على من اتبع الهدى ).
المصدر: كتاب الدين بين السائل والمجيب للمرجع الدين الحاج الميرزا حسن الحائري الإحقاقي قدس سره الشريف
يشاركون الله تعالى في فعلة , ولا يفعلون شيئا بدون إذن الله جل وعلا , بل
إنهم عباد مقربون ومظاهر للصفات الربوبية , والسفراء بين الله والبشر , لا
يستقلون بأمر مطلقا( بل عباد مكرمون لا يسبقونه بالقول وهم بأمره يعملون ).
هذه هي العقيدة الصحيحة والنمط الأوسط التي تختلف عن عقيدة الغالين , ومذهب القالين.
وبصورة موجزة فإن للمعصومين عليهم السلام ثلاث مراتب :
1 - المقام الحقي :
حيث الملائكة وما سوى الله مأمورون بالخضوع للمعصومين عليهم السلام في هذه
المرتبة. علمهم وإرادتهم يستمدان من علم الله وإرادته , وقدرتهم مكتسبة من
قدرة الباري جل وعلا.
لا شيء في الوجود خارج عن دائرة سلطتهم وولايتهم الكبرى. وفي هذه المرحلة
حتى الأنبياء والمرسلون والملائكة المقربون يجهلون عظمة مراتبهم المعنوية.
ولقد ورد عنهم عليهم السلام: ( لنا مع الله حالات لا يحتملها ملك مقرب ولا
نبي مرسل ولا مؤمن امتحن الله قلبه للإيمان ).
2- المقام الملكي :
في هذه الرتبة يخلقةت كالملائكة نحو السموات في خفه ولطافة , وتطوى لهم
الأرض , وينفذون في الأجسام الصلبة , ويعبرون من الجدران السميكة ,
ويدخلون من الأبواب المغلقة.
3 - المقام البشري :
إنهم في هذه الرتبة يأكلون كما يأكل الناس , ويشربون وينكحون ويستريحون كغيرهم من أفراد البشر.
تتأثر أجسامهم بالسم والسهام , وينطبق عليهم قوله تعالى : ( قل إنما أنا بشر مثلكم ).
ولقد عبر صاحب الولاية الكبرى في رسالة إلى معاوية عن هذه الحقيقة , حيث قال :
( لولا ما نهى الله من تزكية المرء لنفسه , لذكر ذاكر فضائل جمة تعرفها
قلوب المؤمنين , ولا تمجها أذان السامعين. فإنا صنايع ربنا , والخلق بعد
صنائع لنا. لم يمنعنا قديم عزنا ولا عادي طولنا أن خلطناكم بأنفسنا ,
فنكحنا وأنكحنا فعل الأكفاء ولستم هناك ).
دقق في هذه العبارة الموجزة , الصادرة من أمير المؤمنين عليه السلام , وهو لا يبالغ ولا يدعي جزافا , لترى صحة ما نعتقده.
علما بأنهم عليهم السلام في المقام البشري واجدون للمقام الحقي والمقام الملكي أيضا.
( وله عليه السلام ( أي أمير المؤمنين عليه السلام) أيضا عند الله جل وعلا
مقام لا تهتدي إلى معرفته العقول والأوهام , ولا يحيطه سوى خالقها الملك
العلام.
وقال صلى الله عليه وأله وسلم : ( لا يعرفك الا الله وأنا ).
فتلك المعاجز والكرامات والعلوم المنسوبة إليه وإلى أبنائه المعصومين
صلوات الله عليهم اجمعين المدونة في كتب العلماء وقصائد الشعراء جلها من
أثار الإمامة برهانا على إمامتهم وإثباتا لولايتهم. وليسة حاكية عن
مراتبهم العالية ولا مفسرة عن مقاماتهم السامية , لا يرقى إليها طير
الخيال ولا يتوصل إلى فهم أدنى درجاتها إلا بالمثال.
فلا يسعنا الا التسليم لما قالوا والخضوع لقدسية حقائقهم كما بينوا )
( .. إن ولا يتهم المطقلة وسلطنتهم العامة على ما سوى الله جل وعلا
وهيمنتهم الجبروتية على كافة الموجودات من الدرة إلى الذرة ثابته عند
علماء الإمامية وحكمائهم من صدر الإسلام إلى زماننا هذا , أمثال سلمان
وأبي ذر وعمار ومقداد وميثم ورشيد وجابر الجعفي وهشام ومفضل , الكليني
والمفيد وعلم الهدى والحلي والمجلسي إلى أعلامنا المعاصرين.
نعم قد أنكرها المقصرون والمستضعفون والذين يقيسون أولياء الله وأمناءه والمعصومين بأنفسهم.
فاعلم يا ولدي إن إنكار ولايتهم المطلقة إنكار لضروري الشيعة الإمامية.
ونسبة تلك الأحاديث الواردة إلى جعل الغلاة تحكم ( تهكم ) , كيف وغالبها
وردت عن الثقات وصححها الأعلام ودونها العلماء والحكماء في كتبهم
ومؤلفاتهم معتقدين بصحتها واعتبارها , وقد بنوا أرائهم عليها وهي الأساس
لعقائد الإمامية في هذا الباب.
وكذلك سيدتنا فاطمة الزهراء صلوات الله عليها وعلى أبيها وبعلها وبنيها ,
إنها من نورهم وحقيقتهم , ولها ما لهم وعندها ما عندهم من الولاية
والإحاطة , ولا فرق بينها وبينهم إلا إنها أمرأه , ولا ينبغي للمرأه
الحكومة الظاهرية فقط.
ما أدري ومن يدري في أي عصر كان للغلاة القدرة والجسارة في جعل مئات بل
ألوف من الأخبار والأحاديث في فضائل أهل بيت العصمة والطهارة من غير مصدر
ومدرك مع وجود الأئمة الهداة في صدر الإسلام , وكثرة وكلائهم ونوابهم في
كل عصر , الحافظون لشريعتهم والذابون عنها , كما قالوا عليهم السلام.
إن لنا عليك أيها الموالي بطالعة كتب الأخبار ومؤلفات علمائنا الأبرار
وتحقيقات حكمائنا الأخيار , وما أكثرها وليس هذا المختصر محل ذكرها , ولكن
أذكر كلمة عن ثقة معاصر , أقتدى بعمله علماؤنا الأعلام , وتبع نهضته
فقهاؤنا العظام , ألا وهو العالم العامل والمرجع الديني الكامل قائد
الإنقلاب وزعيم النهضة أية الله سماحة ورح الله الخميني في كتابه ( ولاية
فقيه يا حكومة اسلامي ) وهذه ترجمتها بالعربية - وبعدما يثبت لهم الخلافة
والحكومة الظاهرية حفظه الله وابقاه يقول :
( لا يلزم من إثبات الولاية والحكومة الظاهرية للإمام عليه السلام نفي
مقامة المعنوي. للإمام مقامات معنوية وهي جدا من وظائف الحكومة. وهو مقام
الخلافة الكلية الإلهية التي أحيانا روي عن لسانهم , خلافة تكوينية التي
موجبها خضوع جميع الذرات أمام ولي الأمر. وهذا من ضروريات مذهبناأنه لم
يصل إلى مقامات الأئمة عليهم السلام المعنوية. حتى ملك مقرب ونبي مرسل ,
إن الرسول الأكرم صلى الله عليه واله وسلم وألأئمة عليهم السلام طبق
الروايات التي عندنا كانوا انواراً في ظل العرش , وفي انعقاد النطفة
والطينة يمتازون عن سائر الناس , ولهم مقامات إلى ماشاء الله , كما أن
جبرائيل عليه السلام في روايات المعراج يقول ( لو دنوت أنملة لاحترقت ).
مع قولهم عليهم السلام : ( إن لنا مع الله حالات لا يسعها ملك مقرب ولا
نبي مرسل ).
وهذه العقيدة جزء من أصول مذهبنا. ان لهم مقامات قبل أن يكون موضوع
الحكومة والخلافة. كما أن بحسب الروايات هذه المقامات ثابتة للسيدة فاطمة
الزهراء عليها السلام مع أنها ليسة حاكمة ولا قاضية ولا خليفة , فهذه
المقامات غير وظائف الحكومة. فإذا قلنا: أن الزهراء ليست بقاضية ولا خليفة
لا يلزم مع هذا القول أنها مثلي ومثلك أو أنها ليست أعلى وأرفع منا ,
وكذلك إذا قال أحد واعترف بأن : ( النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم ) فقد
قال .. هو أرفع وأسمى من ولايته وحكومته على المؤمنين ) الخ.
أقول: إن هذه الكلمة كافية وافية في دحض أقوال الجاهلين وأرغام أنوف
المقصرين , والاعتراف بصحة الأحاديث التي دونت في كتب الصالحين في مقام
نورانية المعصومين وولايتهم التكوينية وسلطنتهم الكلية العامة صلوات الله
عليهم أجمعين. والسلام على من اتبع الهدى ).
المصدر: كتاب الدين بين السائل والمجيب للمرجع الدين الحاج الميرزا حسن الحائري الإحقاقي قدس سره الشريف